مفهوم العنف: أشكال العنف، العنف في التاريخ، العنف والمشروعية - ذ. عادل بن ملوك

فيلوكلوب مارس 15, 2019 فبراير 22, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال: مفهوم العنف: أشكال العنف، العنف في التاريخ، العنف والمشروعية - ذ. عادل بن ملوك
-A A +A

محاور الدرس
  1. تقديم مفهوم العنف
  2. المحور الأول: أشكال العنف
  3. المحور الثاني: العنف في التاريخ
  4. المحور الثالث: العنف والمشروعية

تقديم مفهوم العنف

إن الحديث عن العنف في مجال السياسة، هو الحديث عن إشكالية العلاقة بين الدولة كمؤسسة وبين المواطنين كأفراد. إن سؤال العنف هو سؤال التبرير، تبرير آليات ممارسة السلطة داخل مجتمع ينقسم إلى مسيطر ومسيطر عليه. وقد اتخذ هذا العنف أشكالا متعددة عبر التاريخ إما ماديا أو ثقافيا أو رمزيا أو سياسيا أو إجراميا أو نفسيا...وحضور هذه التعدد لصور العنف يثبت حقيقة أساسية وهي ملازمة العنف لطبيعة الإنسان. ويمكن تعريف العنف بصفة عامة هو سلوك موجه يتم من خلاله إلحاق الأذى أو الضرر بالغير إما في كيانه الجسدي، أو النفسي...ومن بين أبرز التعريفات للعنف نجد ما وضعته "باربرا ويثمر" إذ تقول" العنف خطاب أو فعل مؤذ أو مدمر يقوم به فرد أو جماعة ضد أخرى".  لعل العنف كظاهرة إنسانية واجتماعية تم تناولها في الخطاب الفلسفي بصيغ مختلفة وعلى وجه الخصوص في العلوم الإنسانية. ومن أبرز الإشكالات التي ثمة معالجتها هي كالأتي: ما طبيعة العنف؟ وما هي أشكاله؟ وكيف تولد العنف في تاريخ البشرية؟ وهل يمكن الإقرار بمشروعية العنف؟

المحور الأول: أشكال العنف


إشكال المحور

الإشكال : ما طبيعة العنف؟ وما هي أشكاله؟ هل يحضر كشكل مادي مباشر أم كشكل رمزي إيديولوجي؟

الموقف الأول: ماكس فيبر: العنف المادي المشروع (عنف مؤسساتي)

يقول فيبر إن الدولة هي الوحيدة التي لها الحق في احتكار وممارسة العنف المادي وليس الأفراد، فكل تجمع سياسي لا يمكنه أن يستغني عن العنف، لكنه أي عنف، إنه عنف مشروع ومنظم بقوانين وإجراءات صارمة. فإذا وجدت تجمعات بشرية لا تعرف العنف، فهذا يعني أنه لا يمكن الحديث عن وجود دولة. بل نصبح أمام حالة فوضى وصراع. من ثمة تكون الغاية من ممارسة العنف المادي المشروع للدولة غاية مزدوجة تتمثل في الحفاظ على ذاتها من جهة، ومن جهة ثانية الحفاظ وحماية الإفراد.( في نفس السياق يمكن استحضار "موقف لوي التوسير" والذي يميز بين نوعين من العنف: عنف قمعي متجسد في مؤسسات الشرطة ،الجيش...، وعنف ايديولوجي متجسد في المدرسة، الكنائس، الإعلام..

الموقف الثاني: بيير بورديو: العنف الرمزي (عنف إيديولوجي)


يرى بيير بورديو أن المجتمع يمارس سلطة رمزية على الأفراد تكون بمثابة عنف لطيف خفي يقبله الأفراد بطواعية وبدون مقاومة، وفيه يتم توجيه سلوك الفرد بما يقتضيه المجتمع متوسلا في ذلك من خلال مجموعة من الآليات كالإعلام (الإشهار) والمدرسة هته الأخيرة على سيبل المثال تدعو من خلالها الدولة إلى  سياسة دمقرطة التعليم، والتي ما هي إلا إيديولوجيا، بل إنها ألعوبة تكرس ثقافة تهميش و إقصاء أبناء الفئات الفقيرة حيث يتم إخضاعهم وتعويدهم على شروط مقبولة تؤثر في بنيتهم الفكرية كما تؤثر في سلوكاتهم الخارجية على مستوى اللباس، المشي، الكلام ... وهو ما يجعل تلميذ هذه الفئات المحرومة إنسانا مغتربا أمام تلاميذ متميزين بلباسهم و أفكارهم وطريقة كلامهم، فيصير شخصا مقهورا مغلوبا على أمره، فلا يجد أمامه في الأخير إلا العيش على أنقاض والديه ( ابن الفلاح = فلاح، ابن الإسكافي = إسكافي ....).


المحور الثاني: العنف في التاريخ



إشكال المحور: كيف يتولد العنف في تاريخ البشرية؟ هل من الطبيعة الفطرية للبشرية أم من الثقافة المكتسبة؟



الموقف الأول: العنف متجذر في الطبيعة البشرية (توماس هوبز)




يقول توماس هوبز "نستطيع أن نعثر في الطبيعة الإنسانية على أسباب ثلاثة أساسية، هي مصدر النزاع، أولها التنافس، ثانيها الحذر، وثالثها الكبرياء، وأولى هذه العلل تجعل الناس يتخذون الهجوم سبيلا لأجل منفعتهم ومصلحتهم، ويتخذون الثانية سبيلا لأمنهم، والثالثة سبيلا إلى سمعتهم" إذن يتولد العنف حسب توماس هوبز من خلال ثلاثة أسباب أولها التنافس؛ في هذه الحالة يتم اللجوء إلى العنف من أجل إقرار السلطة وحتى يصبح أشخاص سادة على أشخاص آخرين؛ ثانيها الحذر يلجأ الناس إلى هذا النوع من العنف للدفاع عن بقائهم وممتلكاتهم ومصالحهم، ثالثها الكبرياء وفي هذه الحالة يكون العنف لأسباب تافهة كالاحتقار والاستخفاف والاستفزاز وكل ما يحفظ السمعة. إن تصور توماس هوبز لا يخرج عن المنطلق التعاقدي لنشأة الدولة، والذي سطره في كتابه "التنين"، إذ يعتبر أن حالة الطبيعة حالة صراع، وبالتالي فالإنسان شرير بطبعه.( في نفس السياق نجد موقف سيغموند فرويد الذي يقر على أن العنف يحضر كسلوك إنساني يتجلى في رغبة تدميرية أي كسلوك عدواني أو غريزة حيوانية طبيعية في الإنسان، والتي تتوزع بين غريزة الايروس (الحب) وغريزة التاناتوس (الموت)؛ حيث يلجأ إليهما للحفاظ على البقاء).




الموقف الثاني: العنف نتيجة ظهور الملكية الفردية (كارل ماركس)





يرى ماركس أن الإنتاج هو الذي يحكم حركة تاريخ المجتمعات التي يرجعها ماركس إلى الصراع الطبقي الذي ساد في المجتمع العبودي مرورا بالمجتمع الإقطاعي وصولا إلى المجتمع الرأسمالي هذا الأخير الذي تجلى فيه الصراع في أقوى مظاهره بين طبقة مالكة لوسائل الإنتاج وهي البرجوازية وطبقة عاملة وهي البروليتاريا، هذا الصراع وهو ما يجعل التاريخ كصيرورة محكومة بالتناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج. إذن هنا يكون التناقض بما هو صراع طبقي محركا للتاريخ. "فليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، بل إن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم. وفي مرحلة معينة من تطور قوى الإنتاج المادية للمجتمع تدخل هذه الأخيرة في تناقض مع علاقات الإنتاج لتبدأ مرحلة الثورات الاجتماعية." إن العنف نتاج لظهور الملكية الفردية كعلامة مميزة للصراع الطبقي، هذا العنف الذي يميز فيه "فريدريك انجلز" بين نوعين أساسين؛ عنف اقتصادي ظهر كنتيجة لتطور الصراعات بين وسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج. وخاصة ضمن المجتمع الرأسمالي، وعنف سياسي كان نتيجة للعنف الأول، إذ أن التناقض على مستوى الواقع ينتج التناقض على مستوى الأفكار. مع العلم أنه من الصعب الفصل بين البنيات المادية للمجتمعات و ومستوى وعيها لأن العلاقة هي علاقة جدلية.





المحور الثالث: العنف والمشروعية







إشكال المحور








أولا: الخطاب الفلسفي واستحالة تبرير العنف



 ايمانويل كانط الفلسفة والسلم: من أجل إبراز قيمة السلام، كقيمة كونية توقف ايمانويل كانط على مفهوم الحرب لإبراز أن تاريخ البشرية هو تاريخ عنف، فـ"الحرب ليست إلا الوسيلة البائسة التي يضطر الناس للجوء إليها في حالة الطبيعة لدفاع عن حقوقهم بالقوة". حالة طبيعة كحالة صراع يريد فيها الإنسان إشباع رغباته على حساب بني جنسه بالقوة والعنف، بذلك يكون موقف كانط من الحرب(العنف) واضح وهو انه لا مبرر للحرب بشكل مطلق في أي ظرف من الظروف. فإذا كانت الحرب مدفوعة بالإرادة الشريرة، فالسلام يكون إذن مدفوع بالإرادة الخيرة/الطيبة التي تتجسد في الثقة المتبادلة بين الشعوب المرتكزة على مقتضى أخلاقي ألا وهو الحفاظ على الثقة في نفس العدو حتى أثناء الحرب، وذلك بمنع كل الوسائل المؤدية لها. إذن السلام كقيمة إنسانية كونية يرتكز على القاعدة الأخلاقية التالية: الالتزام بالدفاع عن السلام هو التزام بالدفاع عن الإنسانية.
جون لوك: الفلسفة والتسامح: موضوع كتاب جون لوك "رسالة في التسامح"  يمكن عنونته بـ" الدفاع عن الحرية الدينية"  الذي يهدف من خلاله  إلى التمييز بين مجال الحكومة المدنية من جهة ومجال الدين من جهة أخرى، وقد رسم بدقة الحدود الفاصلة بينهما فهو يرى أن الله لم يمنح أحدا الحق في التدخل في روح شخص آخر أو معتقده. وبالتالي فكل إنسان حر في اختيار معتقده ويمارس الطقوس التي يشاء . ولا يجب أن يواجه بالقمع والعقاب نظرا لأنه لن نستطيع إقناع الآخرين عن التراجع عن معتقداتهم؛ فالدين يجب أن يجذب الناس إليه عن طريق الحجة والإقناع لا عن طريق الإكراه والعنف لأن الإيمان والتدين مسألة بين الإنسان والله ولا يحق لأي إنسان التدخل فيها ولو كان حاكم الدولة. فمسألة التسامح أمست في واقعنا اليوم  مسألة ضرورية خصوصا في ظل واقع التطاحن الديني والعقائدي، ولهذا كان هدف التسامح منذ تشكله بصيغته الفلسفية هو العمل على إيجاد حلول لمشكلة التعصب(العنف) التي تجتاح المجتمعات المختلفة طائفيا أو دينيا أو عرقيا أو لغويا..ويمكن أن نستحظر بهذا الخصوص موقف ماهتما غاندي: "اللاعنف(السلم) هو قانون البشر، والعنف هو قانون الحيوان".

ثانيا: خطاب العنف وتبرير سلطة الدولة

 يمكن الرجوع في هذا الباب إلى مفهوم الدولة وخصوصا تصور كل من مكيافلي، وماكس فيبر، وجعل العنف تبريرا سياسيا خاص بالدولة سواء منه المشروع أو غير المشروع.

شارك المقال لتنفع به غيرك

فيلوكلوب

الكاتب فيلوكلوب

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8258052138725998785
https://www.mabahij.net/