محاور الدرس
- تأطير إشكالي
- العنف المادي المشروع هو الوسيلة المميزة للدولة "ماكس فيبر"
- دولة الحق والقانون "جاكليس روس"
تأطير إشكالي
إن تعدد أسس ومنطلقات الدولة يتعدد بتعدد
الغايات التي ترمي إليها؛ فإما أن يكون أساسها ومنطلقها هو العنف للحفاظ على ذاتها
انطلاقا من مؤسسات تعطيه طابعا مشروعا أو أن يكون أساسها ومنطلقها الحق لضمان حقوق
الأفراد انطلاقا من قانون متعارف ومتعاقد عليه، فإذا كان الحق هو ما لا يحيد عن قاعدة
أخلاقية وقانونية ويشير إلى ما مشروع إما أخلاقيا أو قانونيا يمارسه الفرد انطلاقا
من إرادته، فإن العنف هو نقيض الحق من حيت أنه يشير إلى اللجوء إلى ممارسة القوة قصد
إخضاع فرد ما دون إرادته. من هنا يطرح الإشكال التالي على أي أساس تقوم الدولة؟ هل
على العنف أم الحق؟ هل العنف ضروري لتمارس الدولة وظيفتها؟ ألا يتعارض العنف مع الحق
والقانون؟
الموقف الأول: العنف المادي المشروع هو الوسيلة المميزة للدولة
ماكس فيبر عالم اجتماع
ألماني، كتاب "رجل العلم ورجل السياسة":
العنف المادي المشروع الوسيلة المميزة للدولة: يقول فيبر
إن الدولة هي الوحيدة التي لها الحق في احتكار وممارسة العنف المادي وليس الأفراد،
فكل تجمع سياسي لا يمكنه أن يستغني عن العنف، لكنه أي عنف، أنه عنف مشروع ومنظم بقوانين
وإجراءات صارمة. فإذا وجدت تجمعات بشرية لا تعرف العنف، فهذا يعني أنه لا يمكن الحديث
عن وجود دولة. بل نصبح أمام حالة فوضى وصراع. من ثمة تكون الغاية من ممارسة العنف المادي
المشروع للدولة غاية مزدوجة تتمثل في الحفاظ على ذاتها من جهة، ومن جهة ثانية الحفاظ
وحماية حقوق الإفراد. تكمن قيمة هذا التصور في خطاب التبرير للعنف كوسيلة فعالة لمواجهة
العنف ذاته، بهذا يصبح العنف سم وترياق في نفس الوقت. العنف ليس فقط من أجل حماية الدولة،
بل حماية الأفراد من بعضهم البعض. لكن أليس هذا مجرد تبرير ودريعة لتمارس الدولة حقها
في البقاء على حساب حق الأفراد في الاحتجاج؟ أليس لجوء الأفراد إلى الاحتجاج هو دليل
على انتهاك الدولة لحقوقهم؟ فلو كانت الدولة تكفل للأفراد حقوقهم، لما احتجوا ولما
هي مارست العنف عليهم؟
الموقف الثاني: دولة الحق والقانون
جاكلين روس باحثة أكاديمية
فرنسية، كتاب "نظريات السلطة"المبادئ الثلاث لدولة الحق والقانون:
إذا كان
ماكس فيبر يرى بأن العنف هو الوسيلة المميزة للدولة فإن جاكلين روس ترفض هذا التصور لأنه يتعارض مع
ما تسميه بدولة الحق والقانون التي تستند إلى
ثلاثة مبادئ وهي: فصل السلط الذي تمكن من تحقيق الديمقراطية، وفكرة الحق التي تهدف
الحفاظ على الكرامة الإنسانية التي هي فوق كل اعتبار، و مبدأ القانون الذي يمكن من تحقيق
المساواة واحترام الحريات الفردية والجماعية دون تخويف أو إرهاب. تقول جاكلين روس إن
" دولة الحق تؤدي إلى ممارسة معقلنة لسلطة
الدولة " تكمن قيمة هذا التصور في إعادة
ترتيب العلاقة بين الأفراد(الحق) والدولة(العنف) في التأسيس لدولة الحق والقانون ونبذ
العنف. لكن نتساءل هل فعلا إذا ما تم الحفاظ على حقوق الأفراد يضمن لدولة عدم إثارتهم
للفوضى؟ بمعنى أخر هل إذا ما تمتع الأفراد بجميع حقوقهم الأساسية يمكن أن نستغني عن
العنف كوسيلة ضبط؟ بمعنى هل الطبيعة البشرية طبيعة خيرة أم طبيعة شريرة؟ هل العنف متجذر
في الطبيعة البشرية أم ثقافي مكتسب؟
0 تعليقات