درس معايير علمية النظريات العلمية PDF

فيلوكلوب يناير 14, 2022 يناير 14, 2022
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A

  •  المادة : مادة الفلسفة
  • الفئة المستهدفة: الثانية بكالوريا
  • المجزوءة: مجزوءة المعرفة
  • المفهوم: مفهوم النظرية والتجربة

محور معايير علمية النظرية العلمية

  1. التأطير الإشكالي
  2. أولا: معيار التحقيق التجريبي - موقف الوضعية المنطقية
  3. ثانيا: معيار القابلية للتكذيب - موقف كارل بوبر
  4. ثالثا: معيار التماسك المنطقي - موقف ألبرت أينشتاين
  5. خلاصة تركيبية

التأطير الإشكالي

لقد استطاع العلماء صياغة نظريات نطلق عليها تسمية النظريات العلمية، كنظرية النسبية لأينشتاين، ونظرية النشوء والارتقاء لتشارلز داروين وغيرها من النظريات. هذه النظريات وغيرها ندعوها بالنظريات العلمية. لكن، بما أن التفكير الفلسفي يتميز بكونه تفكير تساؤلي ونقدي، فلابد من مساءلة هذه الصفة التي تتصف بها النظريات والتي هي صفة العلمية. اي لابد من التساؤل عن معايير علمية وصدق وصلاحية النظريات العلمية. وهكذا يمكن أن نتساءل:
ما الذي تشترك فيه النظريات ويجعلها نظريات علمية؟ بتعبير آخر ما معايير علمية وصدق وصلاحية النظرية العلمية؟ هل معيار علمية وصدق وصلاحية نظرية علمية ما هو تماسكها المنطقي، أي انسجام مبادئها مع نتائجها، أم هو تطابقها مع الواقع، وقابليتها للتحقق التجريبي، أم أن المعيار يتجاوز ذلك؟
أولا: معيار التحقق التجريبي – موقف الوضعية المنطقية
يرى أنصار الوضعية المنطقية مثل رودولف كارناب، أن المعيار الوحيد للتأكد من صدق وصلاحية وعلمية النظريات العلمية هو معيار التحقق التجريبي. فبالنسبة لأنصار الوضعية المنطقية فالنظرية العلمية ليست سوى تمثيل صوري لمعطيات مادية، أي أنها نسق من القضايا العلمية التي يقابل كل منها واقعة مادية جزئية، ومن ثمة فكل نظرية تتضمن قضايا لا يقابلها أي شيء في الواقع فهي ليست بنظرية علمية، وإنما هي مجرد قول ميتافيزيقي لا معنى له. ولذلك فأول خطوة ينبغي القيام بها للتأكد من صدق وعلمية وصلاحية نظرية ما –في نظر أنصار الوضعية المنطقية- هي أن نقوم بفحص عباراتها، وذلك من أجل التأكد من أنها جميعها تتوفر على معنى، ويتم ذلك من خلال التأكد من أن كل عنصر له مقابله في الواقع.
ولتوضيح موقف الوضعية المنطقية بخصوص علمية النظريات العلمية، يمكن أن نقدم مثالا لقول لا يعتبر قولا علمي، ولا يمكن أن يصنف ضمن النظرية العلمية. وهو قول الفيلسوف الألماني فريدريك هيجل: "رأيت روح العصر يمتطي جوادا". هذا القول ليس قولا علميا، ولا يمكن أن يمثل نظرية علمية، لأنه يتضمن عبارة لا مقابل لها في الواقع، ولا يمكن التحقق منها تجريبيا، وهي عبارة "الروح". لذلك فأنصار الوضعية المنطقية يعتبرون هذا القول قولا ميتافيزيقيا لا معنى له.
يقول كلود برنار:
"ليست النظرية سوى الفكرة العلمية المراقبة من طرق التجربة"
أهمية الموقف
يجد موقف الوضعيين المناطقة أهميته في أهمية التجربة والاختبار التجريبي، ذلك أن التجربة تسمح لنا بالتحقق من علمية وصدق النظريات العلمية، خاصة تلك النظريات التي تفسر وقائع مادية، والتي يمكن التحقق منها تجريبيا.

لكن، ألا يمكن القول أن التجربة قاصرة وعاجزة عن اختبار بعض النظريات العلمية؟ وألا يمكن القول أن العلم في حاجة إلى الكشف عن النقص الذي يعتري نظرياته بدل البحث عن ما يؤكد نظرياته؟

ثانيا: معيار القابلية للتكذيب – موقف كارل بوبر

يؤكد الفيلسوف الإنجليزي كارل بوبر أن مبدأ التحقق التجريبي لا يسمح لنا بالتحقق بشكل كلي من صدق فكرة علمية ما، وإنما بشكل جزئي فقط، فهو محدود بالمكان والزمان. والمثال على ذلك، أننا لا يمكننا أن نتحقق تجريبيا بأن كل البجع أبيض في كل زمان وفي كل مكان، وأن كل الأجسام في كل مكان وكل زمان تسقط بنفس السرعة في الفراغ. مؤكدا على قوله بنفي القدرة على تغطية كل نقاط الزمان والمكان بالملاحظة والتجربة. وبالتالي فالنظريات التي يقول عنها أنصار الوضعية المنطقية بأنها علمية، هي علمية بشكل نسبي فقط، أي حتى يتم تفنيدها.
لذلك يؤكد كارل بوبر على أن معيار القابلية للتكذيب هو معيار علمية وصدق وصلاحية النظريات العلمية، وليس القابلية للتحقق التجريبي. معنى ذلك أنه لابد من مواجهة النظرية بما يمكن أن يكذبها ويبين عيوبها، وليس بما يؤكدها ويبرر صدقها. وهذا ما سيؤدي إلى تقدم العلم.
يقول بوبر في هذا السياق: إن معيار القابلية للتفنيد أو القابلية للتكذيب يمكن أن نطلق عليه معيار القابلية للاختبار ، ذلك أن اختبار نظرية ما تماما كاختبار جزء من آلة ميكانيكية يعني محاولة تبيين العيب فيها".
أهمية الموقف:
يجد موقف كارل بوبر أهميته، في أهمية معيار القابلية للتكذيب، فهذا المعيار يساهم في تقدم المعرفة العلمية، وفي كشف زيف المعارف والنظريات غير العلمية.
مثال لنظريات غير علمية لأنها لا تقبل أن نكشف مواطن النقص والعيب فيها
نظريتي "ألفريد أدلر" و"سيجموند فرويد" في تفسير انفعالاتنا كبشر وحالاتنا العصابية، ونظرية "كارل ماركس" في تفسير تطور المجتمعات
لكن ألا يمكن القول أن معيار التحقق التجريبي وكذلك معيار القابلة للتكذيب، هما معيارين عاجزين عن التحقق من صدق بعض النظريات العلمية، خاصة تلك النظريات التي تفسر الوقائع ذات الطابع الميكروفيزيائي والمكاروفيزيائي؟

ثالثا: معيار التماسك المنطقي – موقف ألبرت أينشتاين

يتأسس موقف ألبرت أينشتاين على نقد معياري القابلية للتجريب والقابلية للتكذيب. فهذين المعيارين وفق تصوره لا يستطيعان استيعاب كل النظريات العلمية، ولا يمكن استخدامهما إلا بخصوص النظريات التي تفسر الوقائع المادية، والتي يمكن اخضاعها للملاحظة والتجربة.
إضافة إلى ذلك، فمع مطلع القرن العشرين تغير مفهوم وتصور العلم للواقع، وذلك مع ظهور ظواهر ميكروفيزيائية كالإلكترونات والبروتونات، وظواهر ماكروفيزيائية، فأصبح يُنظر إلى الواقع باعتباره واقعا رياضيا وليس واقعا محسوسا، واقع معقول وليس بواقع مادي، واقع مبني ومبرهن عليه وليس واقعا معطى ومسلما به. ليصبح الواقع صورة للنظرية وليس العكس.
لذلك يؤكد بعض العلماء والابستمولوجيين الذين من بينهم أينشتاين أن علمية وصلاحية وصدق النظريات العلمية، ليس قابليتها للتحقق منها تجريبيا أو قابليتها للتفنيد، وإنما تماسكها الداخلي، أي أن تكون عناصرها مشتقة من بعضها البعض عن طريق الاستنباط العقلي.

أهمية الموقف:
يجد موقف ألبرت أينشتاين أهميته في أهمية العقل الرياضي ودوره الفعال في التحقق من صدق النظريات العلمية، وخاصة تلك التي تنتمي إلى مجال الفيزياء النظرية.
مثال شارح: نظرية الانفجار العظيم
مضمون نظرية الانفجار العظيم أن الكون كما نعرفه الآن كان عبارة عن نقطة لا متناهية الكثافة بحرارة بالغة الارتفاع تُدعى “المتفرد Singularity”، وبعدها بدأت هذه النقطة بالتمدد فجأة بسرعة كبيرة، كما بدأت حرارتها بالانخفاض ليبدأ تشكل الجزيئات وتكتل هذه العناصر البدائية لتشكل النجوم، المجرات، وأخيرًا الكون الذي نراه اليوم
------------
لكشف مدى علمية هذه النظرية يصعب اعتماد معيار التحقق التجريبي أو القابلية للتكذيب، لأن هذه النظرية هي بناء عقلي بالأساس، ولم تنطلق اختبارات تجريبي. هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإذا أردنا أن نتحقق منها تجريبيا، يلزمنا إعادة إنشاء الظاهرة (نشأة الكون)، وهذا أمر صعب إن لم نقل مستحيل.

 

خلاصة تركيبية

يتضح من خلال معالجتنا لإشكال معايير علمية النظريات العلمية، أن معايير علمية النظريات العلمية متعددة ومختلفة، فمنها معيار التحقق التجريبي، والذي يؤكد أنصاره، أن النظرية لا يمكن أن تكون علمية إلا إذا كانت تقبل أن نتحقق منها تجريبيا، وإذا أثبت الاختبار التجريبي أن نظرية علمية. ومنها معيار القابلية للتكذيب، والذي يؤكد أنصاره أن النظرية لا يمكن أن تكون علمية إلا إذا كانت تقبل أن نكذبها، عبر مواجهتها بما يبين عيوبها نواقصها. ومنها أيضا معيار التماسك المنطقي، والذي يؤكد أنصاره أن معيار علمية النظريات ليس هو قابليتها للتحقق التجريبي ولا هو معيار القابلية للتكذيب، وإنما هو تماسكها  واتساقها المنطقي بين المبادئ التي انطلقت منها، وبين النتائج التي استنبطت منها. ومرد هذا الاختلاف هو الاختلاف حول طبيعة الوقائع المدروسة، والاختلاف الحاصل في الرؤى. وبالتالي، فهذا الاختلاف ليس عيبا، ولا تنقيصا في قيمة المعرفة العلمية، بل هو إغناء للساحة العلمية، وتأكيد على أن العلم يبقى نسبيا من جهة أولى، وأنه دائم التقدم والتطور عبر تصحيح أخطائه من جهة ثانية.

تحميل الدرس PDF

شارك المقال لتنفع به غيرك

فيلوكلوب

الكاتب فيلوكلوب

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

8258052138725998785
https://www.mabahij.net/